مصدر من النيابة العامة يكشف خروقات الرأي الاستشاري الصادر عن فريق العمل حول الاعتقال التعسفي بخصوص الصحفي توفيق بوعشرين.
*مصدر من النيابة العامة يكشف خروقات الرأي الاستشاري الصادر عن فريق العمل حول الاعتقال التعسفي بخصوص الصحفي توفيق بوعشرين.*
في تعقيبه على الادعاءات المضمنة بالرأي الصادر عن فريق العمل حول الاعتقال التعسفي، التابع للأمم المتحدة “GTDA”، المفتقد لأي إلزامية، أكد مصدر من النيابة العامة, في تصريح حصري ل”casa24″، على أن الادعاء الذي مفاده أن توفيق بوعشرين ثم توقيفه يومين بعد نشره لافتتاحية تنتقد رئيس الحكومة ووزير الفلاحة، يظل ادعاءا واهيا ولا أساس له من الصحة، كما يشكل محاولة بئيسة من قبل دفاع المعني بالأمر بهدف النيل من النظام القضائي المغربي واستغلال هذه القضية لأغراض مبيته، مضيفا بأن جميع المواطنين متساوون أمام القانون وبدون أي تمييز وصفة صحفي لا تعفي صاحبها من متابعته أمام القضاء مادامت الأفعال المنسوبة إليه ثابتة.
و دائما بخصوص حيثيات متابعة بوعشرين، صرح نفس المصدر بأن الشرطة القضائية وانطلاقا من مهامها التي تخوِّلها ضبط حالات خرق القانون مع جمع الأدلة وكذا اعتقال مرتكبي الأعمال المجرّمة (الفصل 18 من قانون المسطرة الجنائية)، فهي تكتفي وبكل حيادية بتقييم العناصر المكونة للجريمة وذلك تحت إشراف النيابة العامة المختصة، علما بأن عناصر الشرطة القضائية لا تخضع لتعليمات وتوجيهات الحكومة.
وفي نفس السياق، شدد المصدر القضائي على أن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية تلقت بتاريخ 12 فبراير 2018 تعليمات كتابية من قبل الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء (قاضي النيابة العامة) لأجل القيام ببحث حول شكاية مجهولة تؤكد من خلالها المشتكية أنها ضحية اغتصاب تعرضت له من قبل الصحفي بوعشرين وكذا استغلال جنسي مع ابتزاز داخل مكتب المتهم، والذي هددها بنشر صور بورنوغرافية تخصها على الشبكة العنكبوتية في حالة إذما قررت التقدم بدعوى قضائية ضده، مستطردا ومن خلال تعليمات كتابية لاحقة صادرة عن الوكيل العام للملك يومي 16و22 من نفس الشهر تم الإستماع إلى مشتكيتين أخريتين بخصوص نفس الأفعال المشار إليها أعلاه، حيث يستنتج منه، يوضح ذات المصدر، أن التحقيق انطلق 12 يوما قبل إيقاف المتهم وب 10 أيام قبل إصدار افتتاحيته الناقدة لرئيس الحكومة.
وأضاف المصدر القضائي بأنه لا يمكن بأي حال اعتبار عملية توقيف المتهم بمثابة تضييق على عمله كصحفي ولا توجيه من قبل الحكومة للتضييق على حريته في التعبير، خلافا لما هو مصرح به في الرأي المقدم من قبل فريق العمل، في حين تبت تورط المتهم في أفعال إجرامية على مستوى من الخطورة كما هو منصوص عليها بمقتضى القانون الجنائي، حيث نذكر من هذه الجرائم جريمة الإتجار في البشر (الفصل 448 وبعده) الشطط في استعمال السلطة والاستغلال الجنسي والتهديد بالسب (الفصل 499) الإخلال العلني بالحياء مع استعمال العنف (الفصل 486) الاغتصاب ومحاولة الاغتصاب (الفصل 486) التحرش الجنسي (الفصل 503)، تسهيل والمساعدة على الدعارة والقوادة (الفصل 498) مع استعمال وسائل تسجيل.
في خضم حديثه عن عملية التفتيش بمقر جريدة “أخبار اليوم”، المصدر ذاته قال بأن هاته العملية تم اجراؤها بتاريخ 23 فبراير 2018 على الساعة الخامسة و17 دقيقة زوالا و التي مرت تحت الاشراف المباشر للوكيل العام للملك وذلك وفق مقتضيات الفصلين 80 و59 من قانون المسطرة الجنائية، الشيء الذي مكن من حجز معدات معلوماتية من ضمنها قرص صلب (DVR) وكاميرتين.
أما فيما يتعلق بالادعاء الذي يقول بأن “السلطات الوطنية” ممثلة فيمالا يقل عن 20 رجل أمن حلوا بمقر الجريدة لتوقيف بوعشرين، أوضح المسؤول القضائي بأن هذا الإدعاء عار من الصحة لكون العملية هي عملية تفتيش فقط لا غير ولا يتعلق الأمر بإيقاف، خلافا لما جاء في رأي فريق العمل، كما أن العملية تمت بحضور فقط 5 ضباط للشرطة القضائية بمساعدة 15 عنصر يتصرفون وفق تعليمات النيابة العامة المختصة.
وحسب المصدر نفسه فاستعمال عبارة “السلطات الوطنية”، يوحي بأن جميع تشكيلات السلطة وبمختلف تلاوينها قد شاركت في عملية التفتيش، في حين أن العملية تمت بمشاركة فقط الشرطة القضائية المختصة وفي احترام تام للمقتضيات القانونية المعمول بها، موضحا بأن مساعدي ضباط الشرطة القضائية لم يلجوا في أي لحظة مكتب توفيق بوعشرين رغم أنه وعلى شاكلة عدة تشريعات بالعالم، يسمح قانون المسطرة الجنائية المغربي للشرطة القضائية بنشر عدد من العناصر الأمنية قدر الإمكان ومن دون تحديد العدد خلال عملية التفتيش، كما أن دفاع المعني بالأمر لم يشر إلى أي تجاوزات أو شطط أثناء عملية التفتيش المشار إليها.
وأكد المسؤول القضائي كذلك بأن الوكيل العام للملك تم إشعاره بالنتائج الأولية للبحث الذي تم إجراؤه بمقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية وبمحتوى القرص الصلب المحجوز بمكتب بوعشرين الذي يضم مقاطع فيديوهات تُظهره في حالات شذود بمعية نساء، الشيء الذي دفع بالوكيل العام للملك إلى إعطاء الأمر بوضعه تحت تدبير الحراسة النظرية في نفس اليوم وعلى الساعة السابعة والنصف مساءا لمدة 48 ساعة، قبل عرضه على أنظار القاضي الذي مدد هذا التدبير ب 24 ساعة إضافية نظرا لحاجيات البحث، موضحا بأنه وللتمويه والإدعاء بأن عملية اعتقال بوعشرين “التي دامت 72 ساعة” كانت تعسفية، أشار دفاع بوعشرين وبشكل متناقض مع المقتضيات القانونية أن تدبير الحراسة النظرية القانونية هو محدد في 24 ساعة ولا يجوز في جميع الحالات أن يزيد عن 48 ساعة.
كان واضحا، حسب رأي المسؤول القضائي، بأن فريق العمل ليس فقط تأثر سلبا بمعطيات دفاع بوعشرين، بل أكثر من ذلك لم يكلف نفسه عناء التحقق من هذه الإدعاءات الواهية بخصوص النصوص المنظمة لتدابير الحراسة النظرية، فيكفي قراءه متأنية للمادة 80 من قانون المسطرة الجنائية حتى يعي فريق العمل أن مدة تدبير الحراسة النظرية محددة بداية في 48 ساعة وليس 24 ساعة كما يمكن تمديدها إلى 24 ساعة إضافية لتصبح 72 ساعة في المجموع، مشددا على أنه وباعتراف دفاع بوعشرين وكذا فريق العمل، فمدة تدبير الحراسة النظرية التي خضع لها بوعشرين لم تتجاوز 72 ساعة ومنه فإن أي ادعاء حول خروقات طالت النظم والمبادئ العالمية المرتبطة بالمحاكمة العادلة تظل غير موجودة.
وفي سياق حديثه عن الضمانات الممنوحة لبوعشرين، أكد المسؤول القضائي بأن جميع الضمانات القانونية قد استفاد منها بوعشرين بما في ذلك حقه في التزام الصمت وحقه في أن يُؤازر بمحام (تمَّت مؤازرته من قبل ثلاثة محامين: عبد الصمد ادريسي، سعد الساحلي، مولاي حسن العلوي)، كما تم تمتيعه بحقه في إخبار عائلته _(تم إخطار عائلته تلقائيا في شخص زوجته)_ وكذا محاميه في شخص الأستاذ الطيب الأزرق، كما تم إخباره بأسباب اعتقاله وذلك وفق لمقتضيات الفصل 23 من الدستور والمادة 66 من قانون المسطرة الجنائية.
كما نبه المسؤول القضائي إلى أن جميع الأعمال المسطرية التي قام بها ضباط الشرطة القضائية تمت تحت إشراف الوكيل العام للملك (قاضي النيابة العامة)، الشيء الذي يشكل في حد ذاته ضمانة إضافية لعدم خرق القانون وكذا حماية حقوق الأشخاص المحرومين من حريتهم.
فيما يخص استدعاء النساء الصحفيات والعاملات بالجريدة، أوضح المسؤول القضائي بأن ذلك تم انطلاقا من عمليات تحديد هويات المعنيات بالأمر اعتمادا على الفيديوهات المسجلة.
وفي ذات السياق، شدد نفس المصدر على أن الادعاءات التي مفادها أن اعتقال بوعشرين آثار موجة من القلق فيما يتعلق بحماية الصحفي والصحافة والربط بين اعتقاله ومواقفه المعبر عنها على أعمدة جريدة ” أخبار اليوم” في المجال السياسي والمالي، تبقى عارية من الصحة ومردود عليها، موضحا بأن النقابة الوطنية للصحافة المغربية بعد زيارتها لبوعشرين أثناء الإستماع إليه، أكدت من خلال بيان لها بتاريخ 3 يناير 2018 على أن اعتقاله (بوعشرين) لا يمت بصلة لحرية الصحافة، وبأنه متابع في إطار قضية تتعلق بالحق العام، كما أن الفيدرالية الدولية للصحافة ببروكسيل عبرت من جهتها، من خلال رسالة، عن دعمها للنساء الضحايا وسجلت امتعاضها من العنف الجنسي الذي لحقهن من طرف بوعشرين.
وقال المتحدث ذاته بأن المعلومات والمعطيات التي توصل بها فريق العمل، غير دقيقة وغير مضبوطة، وتروم المس بالنظام القضائي المغربي، حيث روَّج دفاع المتهم لما سماه ب”محاولة منع بوعشرين من مزاولة الصحافة لمدة 10 سنوات”، في حين أن الأمر يتعلق بقضية أخرى تخص ملتمس سبق وأن تقدم به دفاع مدير الميزانية بوزارة الاقتصاد والمالية في ملف كان رائجا أمام القضاء ضد بوعشرين بتاريخ 30 أكتوبر 2017 يتعلق بالتشهير ونشر أخبار زائفة, مع العلم أن هذا الملتمس والشكاية تم رفضهما، مستطردا بأن رفض الشكاية والملتمس يدحض الافتراءات والمعلومات المضمنة في تقرير الفريق ويؤكد المناورات التي يقوم بها دفاع بوعشرين من أجل الإساءة للنظام القضائي المغربي بهدف تبييض بوعشرين من التهم المتابع من أجلها.
وعلى عكس هذه الافتراءات، أكد نفس المصدر بأنه قد سبق أن تم متابعة بوعشرين من طرف القضاء المغربي في إطار قانون الصحافة ضد أشخاص عاديين وكذا بعض زملائه الصحفيين مغاربة وأجانب، تم أردف بأن انتقاد عمل الحكومة وأعضاءها لا يشكل البتة استثناءا في المشهد الصحفي المغربي، لهذا فالهدف من ادعاءات دفاع بوعشرين هو إلباس هذا الملف عباءة سياسية.
وجاء كذلك في رد المسؤول القضائي بأن الادعاء الذي مفاده أن الهدف من هذه المتابعات هو التضييق على العاملين بالمجال الصحفي وتفزيعهم ليس له أي أساس من الصحة على اعتبار أن الدستور المغربي يحمي جميع المواطنين ويخول لهم جميع الضمانات، موضحا أنه تم تمتيع بوعشرين خلال محاكمته بجميع الضمانات القانونية كما أن اعتقاله ومتابعته تم في احترام تام لجميع المساطير القانونية الجاري بها العمل.
وفي الختام، أكد نفس المصدر بأن الاعتقال الاحتياطي للمتهم تم وفق الضوابط القانونية كما هي مضمنة في المادة 73 من قانون المسطرة الجنائية التي تخول للوكيل العام للملك أن يأمر بحبس المتهم كل ما تبين له بأن الأفعال المنسوبة إليه تشكل جريمة وبأن الملف أصبح جاهزا، إضافة كذلك لجسامة الأفعال المنسوبة اليه.